بينما تبتسم لوحة "الموناليزا" لكل من يراها، تمر على أعيننا صورًا تفرض على كل من يراها "الابتسامة"، وتنال من قلوبنا تلك الابتسامة إذا ما تعلقت بالرضا والسعادة، هذا الأمل الذي حرمتنا منه أخطاؤنا في التعامل مع "الزائلة".
واحدة من تلك الصور التي حظيت بها مؤخرًا، مشهد لعامل النظافة أراه إذا أكرمني ربي بالخروج باكرة إلى عملي، هذا الرجل متوسط العمر الذي يسير بعربة القمامة أجمل ما يميزه أنه حرص على مر أيام عمله وهي في الغالب مؤقتة "نظام التشغيل المؤقت" على جمع كل ما رأته عينيه وسط القمامة من ورود بلاستكية، وفي تناسق جميل رص الرجل أشكالًا وألوانًا متعددة من الورد حول العربة التي تراه يجرها على الدوم سعيدًا راضيًا بحاله، فقد بدأت عربة القمامة "مزهرية".
تأسرنا تلك المشاهد في مغزى واحد، نكاد نُحرم منه غالبيتنا، وهو الإصرار على السعادة والسعي نحو تطبيقها فعليًا في حياتنا، إنها الآلام التي خصت كل نفس فينا بما يكفي على الصعيدين الخاص والعام.
إذا نظرنا من حولنا وجدنا غالبيتنا لا تسكن قلوبهم السعادة، والسبب عدم تحقيق الأحلام والآمال، ويا ليت الأمر توقف عن الروتين والملل الذي سئمنا من الشكوى منه، والآن تطوق نفوسنا له من شدة الآلام التي تحاصرنا، فمن منا سلم من مصاب؟!
وبما أن إيماننا لا يُنكر أن الدنيا دار شقاء، فقد حال انغماسنا بالحياة المهلكة بيننا وبين متعة الشعور بأن الألم مؤقت في المكان والزمان.
بصيص من الأمل يجب أن تنبته حاجاتنا للسعادة والأمان، ولا أجد مقامًا نبدأ فيها طريق السعادة أفضل من أيامنا في شهر ذي الحجة، إنها رسالة إلى كل النفوس التي أتعبت من شدة الحاجة للبعد عن الألم أن تغتنم تلك النفحات التي وهبها الله لكل سعيد و شقي، إذا ما أحسن التعرض لها، إنها الفرصة الأهم لنقضى على الآلام والمصاب، فما بالنا بأحب الأيام إلى الله الكريم إلا بأنها مبتغي كل فقير إلى ربه، نعمة الله على عباده التي جعل لهم فيها مواسم يضاعف فيها الأجر لعباده المؤمنين و يعطي على القليل الكثير، و يمثل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري" :ما من أيام العملالصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيامأيام العشر"، قالوا: يا رسول اللهولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلارجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء" إلا كنز لسعادة.
مما راق لي